قولون مصر العصبي يعاني ..مهزلة برلمانية نزيهة
في انتخابات الدائرة الثانية بمحافظة الشرقية-بمدينة بلبيس بدأت رحلتي في الانتخاب بالازدحام الجميل المبشر بمستقبل ديمقراطي وشعرت وقتها ان هذا المشهد يستحق الموت
من اجله وترحمت علي شهداء ثورة 25 يناير وشهداء أحداث ماسبيرو و أحداث 18و19 نوفمبر .
بدأت بأخذ لقطات للعدد المهول الذي حضر ليعطي صوته لمن يمثله ، ثم حانت لحظة الدخول للجنة وفوجئت بسيدات مسنات تتوكأ علي صغارها فتعجبت وتساءلت في نفسي هل حضرن خوفا من الخمسمائة جنيه الغرامة التي فرضت علي عدم التصويت ؟ خاصة انه يبدو عليهم المظهر البسيط والذي أكد لي
بما بداخلي أن معظمهن أميات فلا يجيدون القراءة والكتابة ولا يدركون اى شيء عن السياسة
أثناء دخولي للجنة عبر فناء المدرسة وجدت علي الحائط بعض اللوحات لفت نظري منها:الشعب والشرطة والجيش يد واحدة ، مرحبا بكم في انتخابات برلمانية نزيهة
لا أكذبكم حاولت اطمئن نفسي علي مستقبل بلدنا وتفاءلت خير بترحيبهم النزيه..
وأمام باب اللجنة وجدت امرأة تبدو متقشفة الحال ومظهرها كمن لا تعرف الألف من كوز الذرة فسألتها ستنخبين من ردت بلا تردد رمز السمكة وكانت تمسك ببطاقة دعاية للإخوان المسلمين
قلت لها عظيم ولكن لما ؟ ردت بغلب مزق قلبي (مش عارفه هما قالو لنا كده فجينا) ردت امرأة أخري تبدو واعية كثيرا قالت هذا دورنا الآن نعلم الناس ونوعيهم قلت لها يا سيدتي بم توعيهم وهم متخيلون أن الأخوان أحباب الله والكتلة المصرية أعداء الله بم توعيهم وهما خائفين فقط من الغرامة كيف توعيهم سياسيا وهم في دمار اقتصادي.ومع رغبتي الشديدة في تنويرهم فهل يتم هذا الآن؟ داخل اللجان؟ هذا واجبنا الفترة القادمة . حاولت أن تتفذلك واتضح من الأمر أنها حديثة العهد بالتحدث في السياسة والانتخابات _مثل كثير ممن فاقوا لأنفسهم بعد الثورة الشعبية في 25 يناير_
دخلت اللجنة فوجدت احدي النساء الأميات تسألني (اعلم فين يا أبله) سألتها أنتي جاية تنتخبي مين ؟ قالت لي مش عارفه قلت لها هتختاري قائمة واحدة واثنين في الفردي واحد عمال والتاني فئات قالت لي مش بعرف أقرا
شعرت حينها وكأن قولون مصر العصبي يؤلمها كثيرا . فهل من المعقول أن تكون هذه هي النزاهة ؟؟!
ولكثرة عدد المنتقبات سيطر علي الجميع ان الأخوان هم الذين سيتصدرون القوائم . ولا عجب فبداخل المدرسة تقف نساء منتقبات توجه الناخبات إلي اللجان وترشدهم لرمز الكما نجا والسمكة والحرية والعدالة ولأنهم لم يعتادوا اختيار مصيرهم توجهوا مطيعين ..
كلنا نعرف جيدا أن بمصر نسبة كبيرة من الأميين فطالما الانتخابات للجميع وطالما فرضت غرامة علي عدم التصويت أليس من المفروض وضع حل لها في اللجان كما هو الحال في اختبارات الكليات مع ذوي الحالات الخاصة فلهم مرافق يكتب أو يقرأ لهم، فلما لا يضعون حلا بل فوجئت بالمشرفين علي اللجان تقول لي ممنوع هل يعقل انه ممنوع تساعديها بأن تقرئين لها وغير ممنوع ان أشخاصا لا تفقه شيء ولا تدرك الخطر الذي يواجهنا في هذه المرحلة ، تقرر مصير البلد ببلاهة أو باعتقادها أنها مع الله وأتباعه أو باعتقادها ان صوتها أمانة وتأدية الأمانة في الذهاب للتصويت فقط ..امتلأ قلبي بالأسى وعيون الأطفال الصغار الذين جاءوا علي أكتاف أمهاتهم صارت تؤنبني والتف حولي من النساء من تريد ان تظهر علي شاشة التلفاز ومن تريد صورتها تظهر في الجريدة .
حاولت إقناعهم بأن الفترة القادمة مهمة جدا لمراقبة الفائزين في الانتخابات ومساعدتهم علي رسم مستقبل أفضل لهم ولأبنائهم. وليس هذا فقط بل علينا تثقيف أنفسنا ومن لا يقرأ ولا يكتب عليه ان يسأل ويفكر أقاربه وذويه من المثقفين ويعمل عقله ويتدبر الأمور لنصنع حياة جديدة علها تثمر المرة القادمة انتخابات برلمانية نزيهة فعليا.
وحاولت التشبث بابتسامة جيهان تلك الناخبة التي لا تعرف من هي الكتلة ولا تريد الأخوان ولكنها قادمة لان صوتها أمانة علّها تبشر بخير قادم يصلح ما أحزنني رؤيته....ونعالج قولون مصر العصبي.
تعليقات